Main Content
المصدر المرئي

"برزخ": فسحة ثقافية في الحمرا

وبين الفينة والأخرى يأتي من يسأل "لماذا برزخ؟"

قضى منصور عزيز*  ساعات طويلة في مكتبات مستقلّة خلال سنوات دراسته الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية. يقصد الناس هذه المكتبات الصغيرة، غير التجارية التي تديرها عائلات أو فرق عمل صغيرة لاكتشاف كتبٍ جديدة ولما فيها من حميمية. دخول هكذا مكتبات يشبه دخول علاقة عاطفية جديدة، هي عملية اكتشاف دائمة، يملؤها الغموض والفرحة والإثارة لأي معرفة جديدة. لا تزال مدن عدّة تحافظ على هذه المكتبات مثل نيودلهي، والقاهرة، وكازابلانكا، ولندن، وباريس، واسطنبول، وأثينا وغيرها.

منذ تلك الأيام وهو يحلم باليوم الذي يفتتح فيه مكتبة مشابهة في بيروت، التي فقدت كثيراً من دورها الثقافي والمعرفي الريادي مع تحولات ما بعد الحرب، والتوحش النيوليبرالي الذي حوّل شارع الحمرا فيها من مساحة لالتقاء المثقفين إلى مساحة للاستهلاك مع بعض الاستثناءات القليلة، فأقفلت المكتبات فيه الواحدة تلو الأخرى وصارت تنتشر فيه أماكن السهر، وسلاسل المطاعم التي حلّت محلّ المطاعم العائلية التي تديرها أسر صغيرة.

رغم أن العامين الماضيين كانا قاسيين، إلا أن منصور لم يرَ أن أهمية هذا المشروع قد تضاءلت بسبب الوضع الاقتصادي والإحباط بعد انتفاضة ١٧ تشرين. التفكير في المشروع بدأ قبل سنوات وكانت الفكرة أن تديره مجموعة بشكل تعاوني لكنّ معظم أفراد هذه المجموعة غادروا البلاد مع تدهور الأحوال. في ظل مرحلة السقوط الحرّ التي نعيشها، تشكّل فكرة "برزخ" حالة رفض لانهيار فُرض على العامة وعلى حالة الاكتئاب الجماعية. هذه مكتبة وملتقى ثقافي، تسمح لرواد شارع الحمراء اكتشاف الكتب، وتصفحها وشراءها، إضافة إلى تناول كوب قهوة ولقاء أفراد ومجموعات يتشاركون الاهتمام بالفنون والقراءات والندوات الثقافية. المميز أن هذه المساحة كسرت جمود سلاسل المكتبات، التي تغلف الكتب، وتعرض ما يمكن أن يباع في أماكن بارزة بأسعار خيالية. هنا، في "برزخ"، الزوار أمام رحلة استطلاعية، فالكتب نظمت وفق اللغات والمواضيع، لكنها غير متراصة، محافظةً على حميمية المكتبات الشخصية في المنازل. 

وبين الفينة والأخرى يأتي من يسأل "لماذا برزخ؟".

يعود منصور إلى قول الكاتب والفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي: "تتجلى الأزمة تحديداً في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد، وفي فترة التريث هذه، يبرز عدد كبير من الأعراض المرضية". وهذا هو البرزخ، كما إنه المكان بين نوعين من العوالم، وهو مكان نعلق فيه، وهناك معانٍ صوفية عن ما بعد الموت، فهو المكان الذي يشبه الخيال والأحلام والتخييل، وهو يمشي بين التخييل والخيال. والمكان بين مكانين يستجذب فكرة النظر إلى العالم خارج إطار عوالم الثنائية ويخلق احتمالات.

*توضيح: منصور هو المدير الفني لمصدر عام



هنا مجموعة صور من المكان ومن نشاطين أقيما فيه مؤخراً، الأوّل لقراءات لكتّاب وشعراء من سوريا، والثاني للاحتفال بتوقيع كتاب المناضل والسجين السياسي المصري علاء عبد الفتاح المعتقل منذ عام ٢٠١٩.

قضى منصور عزيز* ساعات طويلة في مكتبات مستقلّة خلال سنوات دراسته الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية. يقصد الناس هذه المكتبات الصغيرة، غير التجارية التي تديرها عائلات أو فرق عمل صغيرة لاكتشاف كتبٍ جديدة ولما فيها من حميمية. دخول هكذا مكتبات يشبه دخول علاقة عاطفية جديدة، هي عملية اكتشاف دائمة، يملؤها الغموض والفرحة والإثارة لأي معرفة جديدة. لا تزال مدن عدّة تحافظ على هذه المكتبات مثل نيودلهي، والقاهرة، وكازابلانكا، ولندن، وباريس، واسطنبول، وأثينا وغيرها.

منذ تلك الأيام وهو يحلم باليوم الذي يفتتح فيه مكتبة مشابهة في بيروت، التي فقدت كثيراً من دورها الثقافي والمعرفي الريادي مع تحولات ما بعد الحرب، والتوحش النيوليبرالي الذي حوّل شارع الحمرا فيها من مساحة لالتقاء المثقفين إلى مساحة للاستهلاك مع بعض الاستثناءات القليلة، فأقفلت المكتبات فيه الواحدة تلو الأخرى وصارت تنتشر فيه أماكن السهر، وسلاسل المطاعم التي حلّت محلّ المطاعم العائلية التي تديرها أسر صغيرة.

رغم أن العامين الماضيين كانا قاسيين، إلا أن منصور لم يرَ أن أهمية هذا المشروع قد تضاءلت بسبب الوضع الاقتصادي والإحباط بعد انتفاضة ١٧ تشرين. التفكير في المشروع بدأ قبل سنوات وكانت الفكرة أن تديره مجموعة بشكل تعاوني لكنّ معظم أفراد هذه المجموعة غادروا البلاد مع تدهور الأحوال. في ظل مرحلة السقوط الحرّ التي نعيشها، تشكّل فكرة "برزخ" حالة رفض لانهيار فُرض على العامة وعلى حالة الاكتئاب الجماعية. هذه مكتبة وملتقى ثقافي، تسمح لرواد شارع الحمراء اكتشاف الكتب، وتصفحها وشراءها، إضافة إلى تناول كوب قهوة ولقاء أفراد ومجموعات يتشاركون الاهتمام بالفنون والقراءات والندوات الثقافية. المميز أن هذه المساحة كسرت جمود سلاسل المكتبات، التي تغلف الكتب، وتعرض ما يمكن أن يباع في أماكن بارزة بأسعار خيالية. هنا، في "برزخ"، الزوار أمام رحلة استطلاعية، فالكتب نظمت وفق اللغات والمواضيع، لكنها غير متراصة، محافظةً على حميمية المكتبات الشخصية في المنازل. 

وبين الفينة والأخرى يأتي من يسأل "لماذا برزخ؟".

يعود منصور إلى قول الكاتب والفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي: "تتجلى الأزمة تحديداً في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد، وفي فترة التريث هذه، يبرز عدد كبير من الأعراض المرضية". وهذا هو البرزخ، كما إنه المكان بين نوعين من العوالم، وهو مكان نعلق فيه، وهناك معانٍ صوفية عن ما بعد الموت، فهو المكان الذي يشبه الخيال والأحلام والتخييل، وهو يمشي بين التخييل والخيال. والمكان بين مكانين يستجذب فكرة النظر إلى العالم خارج إطار عوالم الثنائية ويخلق احتمالات. 

هنا مجموعة صور من المكان ومن نشاطين أقيما فيه مؤخراً، الأوّل لقراءات لكتّاب وشعراء من سوريا، والثاني للاحتفال بتوقيع كتاب المناضل والسجين السياسي المصري علاء عبد الفتاح المعتقل منذ عام ٢٠١٩.

*منصور عزيز هو المخرج الفني لمصدر عام.

آلة كاتبة عتيقة، وكتاب "عن أحوال كتب الأطفال" الذي يتناول موضوع نشر كتب الأطفال خلال أربعين عاماً في مصر، وسوريا، ولبنان، إضافة إلى كتب أخرى معروضة في "برزخ". بيروت، لبنان. ٢ تشرين الأوّل، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

 

 

آلة كاتبة عتيقة، وكتاب "عن أحوال كتب الأطفال" الذي يتناول موضوع نشر كتب الأطفال خلال أربعين عاماً في مصر، وسوريا، ولبنان، إضافة إلى كتب أخرى معروضة في "برزخ". بيروت، لبنان. ٢ تشرين الأوّل، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

 

هناك أكثر من عشرين ألف كتاب في "برزخ"، تتنوع بين قلة جديدة، وأكثرية مستعملة ترك بعض قرائها أثارهم بين سطورها، أو سطّر كتابها إهداءاتهم على الصفحات الأولى. يشرف على تصنيف الكتب جاد غزالة الذي درس الهندسة الميكانكية في كندا، والذي جعله حبه للقراءة والكتابة يعمل في "برزخ". يصنف الكتب وفقاً للغاتها، وهناك كتب عربية وإنجليزية وفرنسية، كما الكتب المخصصة للبيع، والكتب النادرة ذات الطبعة الواحدة، والمجلات القديمة، والأرشيف. بيروت، لبنان. ٢٨ أيلول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان/ مصدر عام)

هناك أكثر من عشرين ألف كتاب في "برزخ"، تتنوع بين قلة جديدة، وأكثرية مستعملة ترك بعض قرائها أثارهم بين سطورها، أو سطّر كتابها إهداءاتهم على الصفحات الأولى. يشرف على تصنيف الكتب جاد غزالة الذي درس الهندسة الميكانكية في كندا، والذي جعله حبه للقراءة والكتابة يعمل في "برزخ". يصنف الكتب وفقاً للغاتها، وهناك كتب عربية وإنجليزية وفرنسية، كما الكتب المخصصة للبيع، والكتب النادرة ذات الطبعة الواحدة، والمجلات القديمة، والأرشيف. بيروت، لبنان. ٢٨ أيلول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

يتمتع زوار "برزخ" بالقهوة، والحلويات، وقائمة من مختلف أنواع الطعام المنتشرة في بلدان البحر الأبيض المتوسط. كما يتمتّعون بمساحة ملهمة، بتصميم وإضاءة مريحة ومناسبة للعمل والقراءة. بيروت، لبنان. ٢٨ أيلول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

يتمتع زوار "برزخ" بقائمة من مختلف أنواع الطعام المنتشرة في بلدان البحر الأبيض المتوسط. كما يتمتّعون بمساحة ملهمة، بتصميم وإضاءة مريحة ومناسبة للعمل والقراءة. بيروت، لبنان. ٢٨ أيلول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام).

درست مايا عياش الهندسة الزراعية وقدّمت برامج إذاعية صباحية في عمان لمدة عامين. ثمّ عادت إلى لبنان في خضم الانتفاضة الشعبية عام ٢٠١٩. تدير مايا اليوم المقهى في "برزخ" حيث تقوم بالخبز والطهو بنفسها. بيروت، لبنان. ٢٨ أيلول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

درست مايا عياش الهندسة الزراعية وقدّمت برامج إذاعية صباحية في عمان لمدة عامين. ثمّ عادت إلى لبنان في خضم الانتفاضة الشعبية عام ٢٠١٩. تدير مايا اليوم المقهى في "برزخ" حيث تقوم بالخبز والطهو بنفسها. بيروت، لبنان. ٢٨ أيلول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

نظّم أصدقاء الناشط السياسي المصري علاء عبد الفتّاح أمسية لإطلاق الكتاب الذي ألّفه من داخل سجن طرة عام ٢٠١٧ "لم تهزموا بعد" في لبنان من مكتبة "برزخ". تخلل الأمسية قراءات من الكتاب قام بها أصدقاء علاء وأفراد من عائلته. كما جرت مناقشة محتوى الكتاب ونظريّاته بحضور أهداف سويف، وهي روائيّة ومعلّقة مصريّة، وإيلينا ناصيف وهي باحثة مُتعدّدة التخصّصات في الثقافة. بيروت، لبنان. ٣٠ تشرين الثاني،٢٠٢١. (مروان طحطح، مصدر عام)

نظّم أصدقاء الناشط السياسي المصري علاء عبد الفتّاح أمسية لإطلاق الكتاب الذي ألّفه من داخل سجن طرة عام ٢٠١٧ "لم تهزموا بعد" في لبنان من مكتبة "برزخ". تخلل الأمسية قراءات من الكتاب قام بها أصدقاء علاء وأفراد من عائلته. كما جرت مناقشة محتوى الكتاب ونظريّاته بحضور أهداف سويف، وهي روائيّة ومعلّقة مصريّة، وإيلينا ناصيف وهي باحثة مُتعدّدة التخصّصات في الثقافة. بيروت، لبنان. ٣٠ تشرين الثاني،٢٠٢١. (مروان طحطح، مصدر عام)

أقيمت في "برزخ" جلسة قراءات في القصّة القصيرة والشعر للكاتب والقاصّ السوري نور دُكرلي، وللشاعر والكاتب السوري رأفت حكمت تتمحور حول تجارب شخصية مدينية وحول الغربة وفقدان الوطن. بيروت، لبنان. ٢ تشرين الأوّل، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

أقيمت في "برزخ" جلسة قراءات في القصّة القصيرة والشعر للكاتب والقاصّ السوري نور دُكرلي، وللشاعر والكاتب السوري رأفت حكمت تتمحور حول تجارب شخصية مدينية وحول الغربة وفقدان الوطن. بيروت، لبنان. ٢ تشرين الأوّل، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

تفاعل الجمهور خلال جلسة القراءات للكاتبين السوريين نور دركلي ورأفت حكمت. بيروت، لبنان. ٢ تشرين الأول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

تفاعل الجمهور خلال جلسة القراءات للكاتبين السوريين نور دركلي ورأفت حكمت. بيروت، لبنان. ٢ تشرين الأول، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

ماريا حسن، كيڤن الصفدي، ضياء حمزة، وجو عوّاد خلال جلسة سماعية حميمية لأغانٍ عربية بتوزيع يتنوّع بين العزف الكلاسيكي والجاز، إضافة إلى اغانٍ تراثية وموشحات بتوزيعات جديدة. بيروت، لبنان. ٦ تشرين الأوّل، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

ماريا حسن، كيڤن الصفدي، ضياء حمزة، وجو عوّاد خلال جلسة سماعية حميمية لأغانٍ عربية بتوزيع يتنوّع بين العزف الكلاسيكي والجاز، إضافة إلى اغانٍ تراثية وموشحات بتوزيعات جديدة. بيروت، لبنان. ٦ تشرين الأوّل، ٢٠٢١. (ريتا قبلان، مصدر عام)

غادة حداد

غادة حداد صحافية لبنانية مستقلة مهتمة بالقضايا الاجتماعية والنسوية والقطاع الإعلامي وطالبة ماجستير في الصحافة الاقتصادية والتنموية.

    image/svg+xml

    هل هذه القصة قيّمة برأيكم؟ ساعدونا في الاستمرار لإنتاج القصص التي تهمكم من خلال التبرع اليوم! تضمن مساهمتكم استمرارنا كمصدر مُجدٍ ومستقل وجدير بالثقة للصحافة المعنية بالمصلحة العامة.